amja-banner

AMJA 12th Imams’ Conference (AR)

توصيات مؤتمر الأئمة الثاني عشر للمجمع
المنعقدة بشيكاغو في مارس 2015 تحت عنوان

نوازل المساجد و المراكز الاسلامية في الغرب

أولا: حول ثبوت المسجدية، وتمويل بناء المساجد ونقلها أو تحويل وظيفتها

ثبوت المسجدية والفرق بين المساجد والمصليات

تثبت المسجدية بالوقف المؤبد من المالك  لبنيان أو جزء مفرز منه ليكون مسجدًا، فالتأبيد شرط لثبوت المسجدية، ولا يدخل في ذلك ما استثني، أو ما جرى العرف على عدم تخصيصه للصلاة، وإن اتصل ببناء المسجد ونفذ إليه، فإن كان الموقوف مشاعًا غير قابل للقسمة فلا يصح وقفه مسجدًا.

يجوز استئجار الدور لإقامة الجمع والجماعات، ولا تأخذ تلك الدور أحكام المساجد، ولكن ما حبس مؤقتا على المسجدية يأخذ من أحكامها ما يحافظ به على حرمة المكان، ويمنع من التشويش على المصلين، وجواز الاعتكاف في مثله موضع اجتهاد بين العلماء.

يشترط لثبوت الوقفية أن يصرح المالك بذلك، ويعين المحل الموقوف ويفرزه عن ملكه. لكن إذا جمع بعضهم تبرعات لبناء مسجد على أرض ما، صار الجزء المخصص منها عرفًا بالصلوات مسجدًا بتمام بنائه.

يجوز أن يخص الواقفون طابقا بعينه للصلاة على التأبيد، وإن كان تحته أو فوقه طوابق أخرى ليست وقفية.

لا تثبت أحكام المسجد للأرض الموقوفة له قبل بنائه، وإن ثبتت الوقفية. لكن إن اقترب بناؤه من هيئة المساجد، يحض الناس على مراعاة أحكام المسجد وآدابه فيه.

المرافق المتصلة بالمسجد لا تأخذ حكمه عند الجمهور، وإن كانت موقوفة على مصالحه أو مصالح أهله، إذا لم تخصص للصلاة على التأبيد ولم تكن من شعاره كالمنارة، سيما إن استثنيت من وقف المسجد عند انعقاده، ويجوز بناء تلك المرافق من ريع المسجد.

المصليات هي أماكن خصصت للصلاة ولكنها لم تكتمل فيها شروط المسجدية، ومنها تأبيد الوقف، فلا تجري عليها أحكام المساجد، إلا ما لابد منه للمحافظة على حرمة المكان، ومنع التشويش على المصلين، فلا تجب التحية عند دخولها، ولا يمنع فيها لبث الجنب ولا الحائض (عند من يمنع مكثها في المسجد) ولا يحرم البيع والشراء فيها ولا نشد الضالة، ولا يزول عنها ملك مالكها، ويجوز له تحويلها لتستعمل في أغراض أخرى، ومن أمثلتها في زماننا تلك الغرف المخصصة للصلاة – من غير وقف مؤبد – في الشركات والمصانع والمشافي والجامعات والنوادي وغيرها، وفي حكمها مساجد البيوت أيضًا

المسجد ليس شرطا لصحة الجمعة عند الجمهور، فيجوز إقامتها في المصليات، بخلاف الاعتكاف فإن المسجدية شرط لصحته، وينبغي أن تراعى آداب المساجد في المصليات تعويدا للناشئة على هذه الآداب.

إبدال المساجد

المسجد إن خرب أو تعطلت مصالحه فإنه يجوز إبداله بغيره قريب منه ليفي بحاجات الناس.

يشترط عند نقل المسجد أو تحويله أن يستشار الناس وتطيب به نفوس أكثرهم، وأن لا يحرم الناس في أي وقت من مكان يقيمون فيه صلواتهم، فلا يفرط في المسجد الأول حتى يخلى بين المسلمين وبين المسجد الثاني.

لاحرج في شراء أرض ملاصقة للمسجد لتوسيعه وتحويل المسجد إلى صالة للألعاب أو صالة متعددة الأغراض، وبناء آخر أكبر وأوفى بحاجة المصلين.

بيع الموقوف على المسجدية لعدم الاحتياج إليه

الأصل أن الوقف لا يباع، إلا لمصلحة الوقف وتحقيق مقصود الواقف، فإذا ضاق المسجد بالمصلين واضطروا  إلى ثمنه لشراء مبنى أوسع يتخذونه مسجدا فيجوز بيعه واستعمال ثمنه في شراء مسجد آخر  يتحقق به مقصود الواقف ومصلحة المسلمين، وإذا تقرر بيعه واستبداله، جاز رهنه في هذه الحالة لمصلحة شراء بدله. ومهما أمكن المحافظة على المسجد القديم فلا ينبغي العدول عن ذلك، لا سيما خارج بلاد المسلمين حيث يمكن أن يؤول ببيعه إلى بؤرة من بؤر الشرك أو الفساد.

تسجيل ملكية المساجد ورهنها

لا يجوز تسجيل المسجد باسم المتبرع لأن الوقفية لا تتم إلا بإفراز العين عن ملك صاحبها وتحريرها منه بالكلية.  وينبغي الحرص على تسجيل المسجد باعتباره وقفا مستقلا، أو تحت مؤسسة وقفية قائمة مثل (نيت).

لا حرج أن يشترط الواقف عند الوقف أن يكون ناظره، وأن يسجل ذلك لدى الجهات الرسمية، مع مراعاة أن هذا سيزهد عموم الناس عن التبرع لتلك المساجد.

لا ينبغي أن يضيق المسلمون على أنفسهم بوقف ما لم يتمحض لهم ملكه من غير تعلق حقوق للغير به، كالمرهون الذي لم ينتهوا من سداد أقساطه، ولهم أن يقيموا فيه الجمع والجماعات كما يشاؤون

لا يجوز رهن المسجد، إلا إذا تقرر بيعه واستبداله، بشروطه الموضحة أعلاه، فيجوز رهنه في هذه الحالة لمصلحة شراء بدله.

تمويل بناء المساجد

الأصل في عمارة المساجد أن يبذل لها الناس أطيب أموالهم تشريفًا لبيوت الله وتعظيمًا لها.

يجوز أخذ الأموال المختلطة والمحرمة على أصحابها وإنفاقها في عمارة المساجد، فإن حرمة المحرم لكسبه على من اكتسبه، ولا تتعدى إلى ذمة من انتقل إليه بعد ذلك بسبيل مباح. وتطبيق ذلك في الواقع من مسائل السياسة الشرعية، فقد تقبل تألفا لقلوب أصحابها على التوبة، وقد تمنع زجرا لهم عن الحرام.

يجوز وقف غير المسلم على المسجد وتبرعه له دون أن يكون له عليه سلطان أو تدخل في شؤونه، فإن كان كذلك لم يشرع.

لا تجوز عمارة المساجد من القروض الربوية، فإن الاقتراض بالربا لا يرتفع إثمه إلا عند الضرورات، ولا تتخيل الضرورة الملجئة في عمارة المساجد، إلا عند الخوف من ضياع المسجد، وخسارة ما أنفقه المسلمون من أموال في الدفعات الأولى من ثمنه وانسداد كل السبل أمام الجالية بما في ذلك استصراخ الجاليات الأخرى. 

لا يحل الاقتراض بالربا لمصلحة الوقف، ولا القرض الحسن إذا اقتضى رهن المسجد.

ثانيا: حول فقه التعامل مع الخلافات الفقهية والعقدية والإدارية في المراكز الإسلامية

الجماعة رحمة والفرقة عذاب، والخلاف في المسائل الفروعية واقع لا محالة، ولكن المحذور هو التعصب والبغي على المخالف.

الفتوى بيان للحكم الشرعي، والمفتون موقعون عن الله تعالى، فيجب صيانة الفتوى من التأثر بالأهواء الحزبية أو التنظيمية، كما يجب حمل المستفتين على المعهود الوسط من أقوال أهل العلم، وتجنب المشتهرات وغرائب الأقوال.

لا إنكار في مسائل الاجتهاد، فإن مسائل الاجتهاد أكثر من أن تنضبط، ولو كان كل ما اختلف مسلمان في أمر تهاجرا لم يبق بين المؤمنين عصمة ولا أخوة قط.

التراتيب الإدارية يأتمر الناس فيها بينهم بمعروف، ومردها إلى إدارة المركز بالتنسيق مع إمام المسجد، والنزول على قرارالأغلبية هو المخرج من فتنتها، ما لم تخالف حكما شرعيا ورد فيه نص صحيح، أو انعقد عليه إجماع صريح.

الرفق بالمخالف من أصحاب الأقوال الشاذة ومداراته مطلوب شرعا، لا سيمافي أزمنة الفتن وغربة الدين، على ألا يستطيل برأيه على الجماعة، فعندها تقدم مصلحتها على مصلحته لحصول التعارض.

الحرص على استفاضة البلاغ بالوسطية الإسلامية من أنجع الوسائل للاجتماع على الحق، وتجنب الاختلاف المذموم الذي يؤدي إلى التعصب أو الدخول في شعاب الزلات والاجتهادات الشاذة.

الأصل أن تناط الفتيا وبيان الموقف الشرعي في النوازل بإمام المركز، وأن لا يفتات عليه في ذلك ما دام أهلا له، وعند حدوث التنازع بينه وبين إدارة المسجد على بعض المواقف الفقهية التي تتعلق بادارة شؤون المسجد وأنشطته ينبغي الاتفاق على مرجعية فقهية يرجع إليها لحسم الخلاف.

الأصل أن مسؤولية خطبة الجمعة تقع على عاتق إمام المركز، وفي حال غيابه يوكل من يراه مناسبا لأداء هذه المهمة الشرعية، ما لم ينص في تعاقده مع المسجد على خلاف ذلك، وينبغي أن يقع التنسيق في دعوة محاضرين أو خطباء بينه وبين إدارة المركز.

لا تجوز الصلاة في مساجد الفرق المخالفة في العقيدة كالقاديانية والبهائية وغلاة الإمامية وجماعة أمة الإسلام الذين لا يزالون يعتقدون بوجود نبي بعد رسولنا محمد ﷺ. 

الأصل أن لا تقصد الصلاة في مساجد المخالفين للسنة كالأحباش وغلاة الصوفية إلا للنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

الأصل في علاقة الإمام بإدارة المركز أن تقوم على الثقة والتقدير المتبادل، وأن يفصل العقد حقوقه وواجباته على نحو يمنع الملاحاة والخصومات.

الأصل أن يستفرغ الإمام وسعه في أداء رسالته الدعوية، وأن يكن حذرا فيما يتعلق بقضايا المال والنساء، حتى لا يجعل لأحد سبيلا إلى عرضه!

لا حرج في مشاركة المرأة في عضوية المراكز الإسلامية تصويتًا وترشيحًا في حدود الضوابط الشرعية، متى تأهلت لذلك واقتضته مصلحة الجماعة، وروعيت الضوابط الشرعية التي تمنع مفاسد هذه المشاركة.

وأمثل مشاركة للمرأة أن تكون وافدة النساء في هذه المجالس، وذلك عن طريق إنشاء أقسام ولجان خاصة بهن؛ داخل المؤسسات الدعوية، بما يضمن الاستغلال الأمثل للطاقات ولا يتعارض مع حكم الشريعة.

وإن دعت الحاجة إلى مشاركة الرجال والنساء في بعض الاجتماعات العامة لمناقشة ما يحتاج إلى رأي الجميع أو تقرير ما يمس مصالح الجميع، فعندها يجتهد في المحافظة على القواعد الشرعية المتعلقة بالاختلاط بين الجنسين، وذلك في ترتيب المجلس، وسلوك المشاركين في مثل هذه اللقاءات

الأصل أن لا يمنع أحد من مساجد الله أن يذكر فيها اسم الله، وأن لا يُلجأ إلى استدعاء الجهة الرسمية لمنع مثيري الشغب من ارتياد المسجد إلا عند الضرورة القصوى، عندما لا تفلح الطرق الأخرى من نصح وبيان، ومحاولة إصلاح. فيكون الاستدعاء عندئذ من باب ارتكاب أخف الضريين ودرء أكبر المفسدتين، وترجيحا لمصلحة الجماعة على مصلحة الفرد.

ثالثا: حول مباشرة بعض الأنشطة الحياتيّة في المساجد

الأكل والنوم في المساجد

الأكل والنوم في المساجد مباحان، مالم يؤدّ ذلك إلى تلويث المسجد، أو التضييق على  المصليّن، وينبغي أن تخصّص قاعةً متعدّدة الاستخدام : للطعام  والمبيت والأنشطة وغيرها.

 الأنشطة الرّياضيّة والترفيهيّة في المساجد

تُباح الأنشطة الرّياضيّة والترفيهيّة داخل المسجد، على أن لا يتضمن ذلك تشويشا على ما بنيت له المساجد من الصلاة والذكر وقراءة القرآن.

تُراعى الضوابط العامّة في أيّ نشاط دعويّ أو ترفيهيّ: فلا يختلط الرّجال والنّساء اختلاطاً فاحشاً يستدام فيه النظر وترتفع فيه الكلفة والتوقر، ولا تنكشف العورات، ولا يُستمع للموسيقى أو الكلام الفاحش، ولا يتلف فيه أثاث المسجد وممتلكاته.

 عرض الأفلام الوثائقية أو الترفيهيّة داخل المساجد

إن لم تتوافر قاعة ملحقة بالمسجد،  يُترخّص في عرض الأفلام الوثائقية أو التعليميّة داخل المساجد، وإن شابها بعض المخالفات اليسيرة، متى كانت هناك مصلحةٌ معتبرةٌ راجحةٌ شرعاً،، ويُرجع في تقدير المصالح والمفاسد لأهل الحلّ والعقد في الجالية من الفقهاء والعُقلاء والخبراء، على أن يجتهد في تقليل هذه المخالفات، والتنبيه عليها ما أمكن. وينبغي توفير قاعة تكون ملحقة بالمساجد ومخصصة لمثل هذه الأنشطة خروجا من الخلاف، ومحافظة على قدسية قاعات الصلاة.

الإعلانات العامّة واستخدام مكبّرات الصّوت داخل المساجد

الإعلانات العامّة واستخدام مكبّرات الصّوت داخل المساجد لها، سواء عن المناشط الدّعوية، أو كل ّما يهمّ المسلمين من أمرِ دينهم  أمر ٌمباح  في الجملةٌ، ويُكره ما كان دنيويّاً كنشد الضّالة، والبيع والشراء ونحوه، ويُستثنى من هذه الكراهة ما تعلّق بحفظ النّفوس كالإعلان عن المفقودين.

يُشترط لإباحة الإعلان في المساجد أن لا يُشوّش على المصلّين، أو يحول دون عبادتهم ربّهم، كأن يكون قَبلَ الصلوات أو عقبها، وتقوم بذلك الهيئة الإداريّة للمسجد أو من ينوب عنها.

رابعا: حول النوازل المالية للمساجد

 المزايدة في المسجد على بيع هبات عينية لمصلحة المسجد

يجوز بيع ما يتبرع به للمسجد أو للجمعيات الخيرية من أغراض عينية فائضة عن الحاجة لتنتفع بثمنها الجهة المتبرع لها إذا كان في الاحتفاظ بها عبء عليها، كشغل مكان لحفظها، أوتعرضها للتلف أوالسرقة

يجوز طرح هذه الأغراض العينية الفائضة عن الحاجة للمزايدة  عليها داخل المسجد ليتنافس على شرائها المتبرعون لمصلحة المسجد أو الجمعية الخيرية، ولهم بعد شرائها ردها إلى من تبرع بها ذهبا كانت أ وغيره.

يجوز أن تكون المزايدة على بيع هذه التبرعات العينية داخل المسجد بالضوابط الآتية:

  • أن يكون لمصلحة المسجد، أو لمصلحة جمعية خيرية، وليس للمصالح الشخصية.
  • عدم كثرة ذلك بما يخرج المسجد عن مقصده الأساسي أنه لذكر الله وللصلاة.
  • عدم جلب السلع كبيرة الحجم إن شغلت مكانا في المسجد يحتاجه المصلون.
  • ألا يصاحبه لغط وصياح ورفع صوت زائد عن الحاجة.
  • أن يختار الوقت الذي لا يحصل فيه التشويش على المصلين.

تخصيص نسبة من التبرعات للمسجد المضيف، وللقائم على جمع التبرعات

إذا لم يتيسر متطوع لجمع التبرعات للمساجد والجمعيات الخيرية فيجوز أن يخصص لذلك شخص براتب شهري مناسب بالمعروف، أو أن تخصص له نسبة مئوية مما يجمعه بالمعروف، ويجوز جعل أجرته من مصارف الزكاة من مصرف العاملين عليها، أو من مصارف صدقات التطوع
 

يجوز اقتطاع نسبة من التبرعات المجموعة لأي غرض خيري بالمعروف للمسجد المضيف لتغطية نفقاته حتى يظل مفتوحا للمؤسسات الخيرية التي تجمع التبرعات منه، وضابط كون النسبة بالمعروف أنه لو أعلن عنها لتقبلها غالب المتصدقين ولم يستبشعوها، وغالبا لا يكون علمهم بها سببا في توقفهم عن التصدق لهذه الجهة.

حول جمع زكاة الفطر وتفريقها

الأصل في زكاة الفطر أنها لا يجوز تأخيرها عن وقتها وهو صلاة العيد، وعند فريق من الفقهاء أن وقت الفضيلة ينتهي بصلاة العيد ويبقى وقت الجواز إلى غروب شمس يوم العيد.

واتفق الفقهاء على أنها لا تسقط بخروج وقتها لأنها وجبت في ذمته لمن هي له، فهي دين لا يسقط إلا بالأداء لأنه حق للعبد، والواجب أن تصل في وقتها إما إلى الفقير أو وكيله الذي يوصلها للفقير، فإذا وصلت الزكاة إلى يد الوكيل فكأنها وصلت إلى الفقير حتى لو تأخر الوكيل في إيصالها للفقير.

المسجد أو الجمعية الخيرية التي تجمع زكاة  الفطر وكيل عن الفقير في أخذها ووكيل عن الغني في إخراجها في نفس الوقت عند بعض الفقهاء المعاصرين، وعليه فلا مانع من تأخير توزيع زكاة الفطر للحاجة والمصلحة الراجحة، قياسا أولويا على جواز ذلك في زكاة المال.

لا بد من إفراد زكاة الفطر بصناديق مستقلة لكون مصارفها تختلف عن مصارف غيرها من التبرعات، ولا يجوز خلطها بصناديق الصدقات العامة.

الأصل في زكاة الفطر إخراجها طعاما، لأن هذا هو الذي جاءت به النصوص، وجرى عليه العمل في زمن النبوة، ويجوز إخراجها نقودا  للحاجة أو المصلحة الراجحة، لمشقة حفظ الحبوب ونقلها وتوزيعها، وهو مذهب  فريق من أهل العلم، منهم عطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والثوري وأبو حنيفة وغيرهم. قال أبو إسحاق السبيعي – وهو من التابعين- : «أدركتهم وهم يؤدون في صدقة رمضان الدراهم بقيمة الطعام».

لا حرج في نقل زكاة الفطر إلى من هم أحوج إليها في بلاد أخرى، أو لقرابة المزكي وذوي رحمه، لأن النفقة على ذوي  القربى صدقة وصلة.

عامة أهل العلم على أن من أخرج زكاة الفطر عمن لا تلزمه فطرتُه أنه لا بد من إذنه، وعلى هذا فلا يجوز إخراج زكاة الفطر مقدما عمن لم يأذنوا في إخراجها عنهم، ولا يجزئ الاقتراض لهذا الغرض لا من أموال المسجد ولا غيره، حتى لو أدى هذا إلى تأخير توصيل زكاة الفطر إلى مستحقيها، فالتأخير  يكون قضاء ويجزئ، أما إخراجها بدون إذن مخرجيها فلا يصح.

يجوز أن يُعلن في المسجد أنه من يرغب في توكيل المسجد في إخراج زكاة الفطر  عنه فليخبر بذلك، وتدون أسماؤهم ويقترض من الصدقات العامة لإخراجها في موعدها ثم يطالب من دونت أسماؤهم بقضاء ما عليهم.

جمع التبرعات (الفندريزيج)  أثناء خطبة الجمعة، أو بين الخطبتين، أو بين الخطبة وإقامة الصلاة

يحرم جمع التبرعات  ( الفندريزيج)  أثناء خطبة الجمعة، لما فيه من إخراج الخطبة عن مقصودها، ولأنه يؤدي إلى تخطي الرقاب من أجل جمع المال، وتوزيع بطاقات التبرع، وتدوين أسماء المتبرعين، وغيره من الأعمال الكثيرة التي تصاحب جمع التبرعات.

لا حرج في دعوة الخطيب الناس إلى التبرع يوم الجمعة، سواء أكان ذلك أثناء الخطبة على أن يكون جمع التبرعات بعدها، أو يكون قبل البدء فيها على أن تؤخر الخطبة وتختصر في هذا اليوم.

يكره جمع التبرعات أثناء جلوس الإمام بين الخطبتين، أو بين الخطبة وإقامة الصلاة، لما يخشى من طول الفصل بينهما، والموالاة بين الخطبتين وبين الخطبة والصلاة شرط في صحة الخطبة، ولما فيه من المشقة على المصلين، وفي الاكتفاء بالجمع قبل الخطبة أو بعد الصلاة غنية.

فإن مست الحاجة إلى ذلك لوجود نازلة طارئة ونحوه – ويرجع إلى أهل العلم في تقدير هذه الحاجة –  فينبغي أن لا يطول زمن الجمع، وأن  لا يتخذ عادة، والمرجع في طول الفصل وقصره إلى العادة، فإن كل مطلق في الشرع يرجع في تقديره إلى العرف.

الإنفاق على بناء المسجد أو زخرفته أو تشغيله من أموال الزكاة

جماهير أهل العلم على أن مصرف في سبيل الله مقصور على المجاهدين الذين لا يتقاضون راتبا من الديوان، أو راتبهم لا يكفي نفقة جهادهم، وزاد الحنابلة فأضافوا إليهم من يحج حج الفريضة، ولا يجد نفقته، وبناء على ذلك فالأحوط الاقتصار على صدقات التطوع في بناء المسجد، وألا تستعمل أموال الزكاة المفروضة فيه إلا للضرورة.

لما  كان مفهوم الجهاد يتسع ليشمل جهاد الكلمة فإنه يشرع صرف الزكاة لأعمال  الدعوة إلى الله تعالى، وما يعين عليها ويدعم أعمالها، لدخولها في معنى (وفِي سَبِيلِ الله) الوارد في آية مصارف الزكاة، وبه صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي.

يشمل مصرف الغارمين الديون التي تكون على المساجد، فيمكن قضاؤها من أموال الزكاة، أما الديون المقسطة التي تحملها المسجد لشراء أرضه أو بنائها او للإنفاق على برامجه الدعوية فلا يدفع منها من أموال الزكاة إلا ما حل من أقساطها.

زخرفة المساجد مكروهة، فلا ينبغي صرف أموال الصدقات ولو صدقة التطوع لها إلا بالشيء اليسير عرفا الذي لا يشغل المصلين ولا إسراف فيه.

حكم استثمار فضول أموال المساجد في مشاريع استثمارية وقفية لصالح المسجد

يجوز من حيث المبدأ توظيف أموال الزكاة في مشاريع استثمارية تنتهي بتمليك أصحاب الاستحقاق للزكاة، أو تكون تابعة للجهة الشرعية المسؤولة عن جمع الزكاة وتوزيعها، على أن يكون بعد تلبية الحاجة الماسة الفورية للمستحقين، وتوافر الضمانات الكافية للبعد عن الخسائر. ( قرار مجمع المنظمة )

 إذا كانت الأموال مجموعة لتكون وقفا للمسجد فلابد من إذن الواقفين في استثمارها والعمل بشروطهم فإن أذنوا في شراء محلات أو منازل تؤجر لمصلحة المسجد جاز ذلك

إذا كان الفائض من أموال صدقات التطوع فالأمر في ذلك واسع إذا لم يحدد المتصدقون بها كيفية معينة لاستعمالها فيجوز استعمالها فيما ترى إدارة المسجد أنه يحقق مصلحة المسجد.

خامسا: حول نوازل خطبة الجمعة واستخدام وسائط التقنية فيها:

حول استعمال الباور بوينت وغيره من الآلات التقنية الحديثة في خطبة الجمعة

يجوز للإمام أن يستعمل من أدوات التقنية مثل الهواتف الذكية، التابلت، اللاب توب وغيره ما يعينه على أداء خطبة الجمعة.

الأولى ترك استعمال البور بوينت وغيره من نظائره من وسائط التقنية الحديثة في خطبة الجمعة، لعدم ورود نظائرها عن رسول الله ﷺ، ولعدم  الجزم فائدتها، أو ظهور الحاجة إليها، لا سيما إذا كانت تقتصر على نص مجرد، ولما يمكن أن تؤول إليه من انتهاك حرمة هذه الشعيرة، بإدخال بعض هذه الوسائط المحرمة كموسيقى أو صور نساء ونحوه.

يكره في خطبة الجمعة توجيه خطاب إلى مصل بعينه في غير حاجة، لعدم ثبوت ذلك عنه ﷺ فيكون من السنن التركية، ويجوز إذا ظهرت الحاجة لذلك، كأمره لمن دخل وهو يخطب أن لا يجلس حتى يصلى ركعتين ونحوه.

حول الترجمة الفورية أثناء الخطبة

لا حرج في الترجة الفورية لخطبة الجمعة عند ظهور الحاجة إلى ذلك، وأولى من ذلك الترجمة في جلسة الاستراحة، تجنبا لما قد يعتري  آلات الترجمة أثناء الخطبة من أعطال مفاجئة.

حول عقد دروس في المسجد قبل صلاة الجمعة

لا مانع عند الحاجة من تخول الناس بدروس في المساجد قبل صلاة الجمعة بلغة عربية، أو أي لغة أخرى يفهمها المصلون، لتذكيرهم وتنويرهم بأحكام دينهم، على ألا يكون هذا إخلالا بمكانة خطبة الجمعة، أو تفريغا لها من مضمونها ومقصودها.

سادسا: اصطحاب الأطفال إلى المساجد

اصطحاب الأطفال إلى المساجد قضية تتضارب فيها المصالح: مصلحة المساجد في احترام أبنيتها والمحافطة عليها، ومصلحة المصلين في الهدوء والبعد عن التشويش، ومصلحة الآباء في الحضور إلى المساجد وربط أولادهم بها.  

وجود الأطفال في المسجد النبوي حقيقة لا يمكن جحدها، ولكن ضبط حركتهم بما لا يفسد صلاة  المكلفين، ولا تنتهك به حرمة المسجد حقيقة لا يمكن جحدها كذلك.

الأطفال ليسوا سواء،  ويمكن تقسيمهم إلى ثلاث فئات:

  • من يدركون حرمة المساجد ووجوب توقيرها، (والمتوقع أن يكون بلوغ السابعة أمارة على ذلك). 
  • من عرفوا بطاعة الآباء وغيرهم من القائم عليهم، بحيث يمتثلون إذا أمروا بالكف عن فعل ما، وهؤلاء وأولئك لا ينبغي أن يمنعوا من الحضور إلى المساجد، وإن كانوا دون السابعة.
  • من عرفوا بالعناد فلا يستجيبون للتعاليم الموجهة إليهم. ولا يدركون حرمة المسجد، فهؤلاء هم الذين كره علماء السلف اصطحابهم إلى المساجد.

على إدارات المساجد الاهتمام باستيعاب الأطفال، وتألف قلوبهم على المساجد، وتوفير الأنشطة الملائمة لأمثالهم،  وأن تضع من التراتيب الإدارية ما يمكن من ذلك مع المحافظة على حرمة المساجد، وتوفير الطمأنينة للمصلين.

سابعا: حول استخدام غير العربية في العبادات والأنشطة الدعوية

اللغة العربية هي لغة القرآن والسنة، وتعلمها من شعائر أهل الإسلام، فينبغي لجميع المسلمين الاهتمام بها وإيلاؤها عناية خاصة، والمحافظة عليها باعتبارها شعيرة من شعائر الدين، وتربية الأجيال على ذلك، لا سيما غير الناطقين منهم باللغة العربية، حتى يتسنى لهم الانتفاع الكامل بكتاب الله وسنة رسوله ﷺ، ويجب على غير الناطقين بالعربية أن يتعلموا منها ما لا تصح عباداتهم إلا به.

الأصل في دعاء الرب تبارك وتعالى أن يكون بما ورد من الأسماء الإلهية، فَلَا يُدْعَى إلَّا بِالْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى، وله أن يخبر عنه بعد ذلك مدحا ووصفا بما يحسنه من اللغات.

باب الإخبار عن الله بالاسم أوسع من تسميته به، فالأسماء الإلهية لا تترجم، وإن ترجمت فهي شرح لمعنى الإسم ودلالاته وهذا داخل فيما يُخبر به عن الله، وليس فيما يسمى الله تعالى به.

ترجمة معاني القرآن الكريم ليست قرآناً، بل هي ككتب التفسير، ولذا لا يجوز الصلاة بها.

دعاء الله يجوز بأي لغة كانت مادام الداعي يفهم معنى ما يدعو به.

الأصل في الأذكار المأثورة والأدعية التي ألفاظها مقصودة في الشرع كالأذان وتكبيرة الإحرام والتشهد ونحوه، أن تقال بالعربية، فإن عجز فله استبدالها بالتكبير والتحميد والتسبيح والتهليل والحوقلة أو ما تيسر من ذلك، فإن عجز فله أن يقرأ الترجمة بلغته إلى أن يتعلم نطقها ومعناها بالعربية.

يجوز لمن لا يعرف العربية أن يتابع مع الإمام في صلاة التراويح في المصحف المترجم من غير أن يتلفظ بذلك، حتى يفهم معاني ما يسمع من كتاب الله إذا دعت الحاجة لذلك.

يجوز للمنفرد العاجز عن العربية  أن يقنت في صلاته باللغة التي يحسنها إلى أن يتعلم العربية، وينبغي أن يجتهد في تعلمها، وأن يعان على ذلك. وأما الإمام فلا يجوز  أن يقنت بغير العربية لكونه مخالفا لشعائر أهل الإسلام، ونظرا لتوفر البدائل.

Copyright © 2024. AMJA ONLINE. All Rights Reserved.